الطب النفسي

الطب النفسي هو تخصص طبي معني بتشخيص وعلاج والوقاية من الأمراض النفسية، وهي اضطرابات طبية تؤثر على تفكير الإنسان أو مشاعره أو سلوكه أو حالته المزاجية. وقد تتداخل هذه الاضطرابات مع الأداء اليومي والعلاقات الشخصية والصحة العامة، وتختلف في شدتها من خفيفة إلى شديدة.
ورغم أن الاختلالات الكيميائية في المخ )مواد كيميائية تنقل الإشارات بين الخلايا العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، تساعد في تنظيم المزاج، النوم، الشهية، التركيز… إلخ( تُعد من العوامل المساهمة في الأمراض النفسية، إلا أن أسباب هذه الأمراض أكثر تعقيدًا وتشمل العوامل الوراثية، شبكات المخ العصبية، الضغوط البيئية، والتجارب النفسية.

من الاضطرابات النفسية الشائعة:

• الاكتئاب: حزن دائم، إرهاق، واحباط يؤثر على الحياة اليومية.
• اضطرابات القلق: وتشمل القلق العام، نوبات الهلع، والرهاب (الفوبيا).
• الاضطراب ثنائي القطب(Bipolar Disorder) : تقلبات في المزاج بين نوبات اكتئاب ونوبات هوس أو هوس خفيف.
• الفصام: اضطراب شديد يتمثل في التفكير غير الواقعي، والهلاوس، وتدهور القدرة على العمل أو التفاعل.
• الوسواس القهري (OCD): أفكار متكررة غير مرغوبة وسلوكيات قهرية.
• اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): حالة ناتجة عن التعرض لحدث صادم.
• اضطرابات الأكل: مثل فقدان الشهية العصبي، والشره المرضي، واضطراب الأكل القهري.

كما يعالج الأطباء النفسيون اضطرابات النوم، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، واضطرابات الشخصية، واضطرابات الإدمان، والعديد من التحديات النفسية الأخرى.

كيف يساعد الطب النفسي؟

العلاج النفسي يُفصّل وفقًا لحالة كل شخص، وقد يشمل:

• التقييم الشامل: من خلال المقابلات والتاريخ الطبي والاختبارات النفسية لتقييم الأعراض والعوامل المؤثرة.
• العلاج الدوائي: حيث يصف الطبيب النفسي أدوية تساعد في تصحيح اختلالات كيميائية في المخ مرتبطة بالأعراض النفسية.
• جلسات نفسية  (العلاج بالكلام): إما يقدمه الطبيب نفسه أو بالتعاون مع أخصائيين نفسيين، ويشمل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، والعلاج التفاعلي، وغيرها من العلاجات المبنية على الأدلة.
• دعم نمط الحياة والسلوك: مثل الإرشاد بشأن النوم، والتغذية، وإدارة التوتر، وآليات التكيّف.

متى يجب طلب المساعدة؟

من الطبيعي أن يمر الإنسان بمشاعر التوتر أو الحزن، فهي ردود فعل طبيعية تجاه مصاعب الحياة. لكن حين تصبح هذه المشاعر شديدة، مستمرة، أو تؤثر على الأداء اليومي، فقد يكون من الضروري طلب مساعدة متخصصة.

من المهم التفريق بين الصعوبات النفسية الطبيعية والحالات المرضية النفسية.

الصعوبات النفسية الطبيعية

تشمل مشاعر مؤقتة من التوتر أو الحزن كردّ فعل على أحداث الحياة. غالبًا ما تتحسن هذه المشاعر مع الوقت ولا تؤثر بشكل كبير على قدرة الشخص على أداء مهامه.
مثلًا، التوتر قبل امتحان أو الحزن بعد فقدان شخص مقرّب أمر طبيعي وغالبًا لا يتطلب تدخلاً طبيًا.

الاضطرابات النفسية

تتضمن أعراضًا تؤثر على الحياة اليومية ولا تتحسن من تلقاء نفسها، وتحتاج غالبًا إلى تقييم وعلاج طبي.

بعض العلامات التي قد تشير إلى اضطراب نفسي:

• المدة و الشدة: استمرار مشاعر الحزن أو الخوف أو اليأس لأسابيع، أو تكرارها، أو تصاعدها بشكل غير محتمل.
• صعوبة في أداء الوظائف الحياتية المعتادة: عندما تؤثر الأعراض على الأنشطة اليومية مثل العلاقات، أو الأداء الدراسي أو الوظيفي، و من الأمثلة:
  • العزلة الاجتماعية وتجنّب التفاعل مع الأهل أو الأصدقاء
  • نوبات الهلع: وهي نوبات مفاجئة من الخوف الشديد مع أعراض جسدية مثل ألم الصدر، ضيق التنفس، أو الدوخة
  • تغيّرات كبيرة في عادات الأكل أو النوم
  • أفكار إيذاء النفس
  • صعوبة في التركيز أو إتمام المهام
• أعراض جسدية بدون سبب عضوي واضح: مثل التعب المزمن، الصداع، مشاكل الجهاز الهضمي، وغيرها من الشكاوى التي قد يكون سببها نفسيًا.

لماذا هذا التمييز مهم؟

فهم ما إذا كنت تعاني من ضغط طبيعي أو من مرض نفسي يساعدك على اختيار نوع الدعم المناسب:

• الضغوط العادية أو الحزن الطبيعي قد تتحسن مع تغييرات في نمط الحياة مثل تحسين النوم، التغذية، ممارسة الرياضة، تقنيات الاسترخاء، والدعم الاجتماعي.
• الاضطرابات النفسية غالبًا ما تتطلب خطة علاجية و التي قد تشمل: فحصًا طبيًا لاستبعاد الأسباب العضوية، تشخيصًا دقيقًا، جلسات نفسية، أدوية عند الحاجة، ومتابعة منتظمة.

الجميع يمر بتحديات نفسية، فهذا جزء من الحياة. ولكن عندما تصبح المشاعر طاغية، طويلة الأمد، أو تعيقك عن الحياة اليومية، فإن طلب المساعدة المتخصصة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا.
التعرف المبكر على الحالة النفسية والحصول على الرعاية المناسبة هو مفتاح السلامة على المدى الطويل.