ما هي جراحة السمنة؟
جراحة السمنة، المعروفة أيضًا بجراحة التخسيس، هي مجموعة من العمليات الجراحية المصممة لمن يعانون من السمنة بهدف تقليل الوزن. يُوصى بها في العادة عندما تفشل الوسائل التقليدية لإنقاص الوزن، ويُتوقع أن تشكل السمنة خطرًا أكبر من مخاطرة الجراحة.
تعمل هذه العمليات على تعديل أجزاء من الجهاز الهضمي، غالبًا المعدة وفي بعض الإجراءات الأمعاء الدقيقة، للحد من كمية الطعام التي يمكن تناولها وامتصاصها. كما تؤثر في إشارات الجوع من الجهاز الهضمي إلى المخ.
تحسّن هذه الجراحة أو تمنع العديد من الحالات المرتبطة بالسمنة، مثل مرض السكري والكبد الدهني. لكنها ليست حلًا سريعًا، إذ يتحقق النجاح طويل الأمد من خلال تحضير شامل وتغييرات دائمة في نمط الحياة.
لماذا تُجرى جراحة السمنة؟
تُعدّ جراحة السمنة العلاج الأكثر كفاءة طويل الأمد للسمنة الشديدة. غالبًا ما يصعب على الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من السمنة الحفاظ على فقدان الوزن باستخدام النظام الغذائي والرياضة فقط. وعندما يعتاد الجسم على الوزن الزائد، يصبح التخلص منه أكثر صعوبة. تُغيّر الجراحة طريقة تعامل الجسم مع الطعام، ما يسهل تبنّي عادات صحية مستدامة تؤدي إلى فقدان الوزن وتحسين صحة الجسم.
ما هي الأمراض التي تساهم جراحة السمنة في السيطرة عليها؟
ترتبط السمنة بالعديد من الأمراض المزمنة، منها ما يشكل خطرًا حياتيًا. وغالبًا ما يُحدث فقدان الوزن بعد الجراحة تحسنًا ملموسًا أو حتى حلًا للحالات التالية:
- ارتفاع الكوليسترول: تراكم الدهون في الدم قد يتسبب في انسداد الشرايين وزيادة خطر النوبات القلبية والسكتات.
- ارتفاع ضغط الدم: الضغط المرتفع قد يتلف الأوعية الدموية ويزيد احتمالية أمراض القلب والدورة الدموية.
- ارتفاع نسبة السكر بالدم: غالبًا ما يرتبط بمقاومة الأنسولين، وقد يتسبب في ضرر للأعصاب والأنسجة والأعضاء إذا تُرك دون علاج.
- مرض السكر من النوع الثاني: تساهم الدهون الزائدة في مقاومة الأنسولين مما يزيد احتمال الإصابة بهذا النوع من السكري. يزداد الخطر مع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. وقد أثبتت الدراسات في المنطقة أن جراحة السمنة تؤدي إلى تحسن ملحوظ في التحكم في نسبة السكر بالدم وفي كثير من الحالات تُحدث تراجعًا أو انقطاعًا لمرض السكر من النوع الثاني، خاصة عندما تُجرى في مراحل مبكرة من المرض.
- أمراض القلب: قد تؤثر السمنة في نقص كفاءة القلب وتراكم الرواسب في الشرايين مما يزيد احتمالات الفشل القلبي أو النوبات القلبية أو السكتة.
- أمراض الكلى: تساهم حالات السمنة المصاحبة مثل ارتفاع ضغط الدم ومقاومة الأنسولين في تطور أمراض الكلى المزمنة.
- توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (OSAS): انسداد مجرى الهواء خلال النوم يقلل الأكسجين ويجهد أجهزة الجسم وخاصة القلب.
- خشونة المفاصل: الوزن الزائد يضغط على المفاصل خاصة الركبتين ويزيد من حدّة تدهور الغضاريف.
- الكبد الدهني: تراكم الدهون في الكبد يؤدي إلى التهاب وتليف قد يتسبب في تلف دائم للكبد.
- السرطان: ترتبط السمنة بزيادة خطر الإصابة بأنواع متعددة من السرطان، وكذلك بارتفاع احتمال الوفاة بسببها.
تفاصيل العلاج
من يُؤهّل لجراحة السمنة؟
تبدأ مؤهلات الجراحة بتشخيص السمنة الشديدة. يجوز للشخص أن يكون مؤهلًا إذا:
- كان لديه مؤشر كتلة الجسم 40 كجم/م² فأكثر، وهو مؤشّر لوجود وزن زائد كبير ويُصاحبه خطر صحي مرتفع.
- أو كان لديه مؤشر كتلة الجسم 35 كجم/م² فما فوق بالإضافة إلى وجود مرض واحد على الأقل مرتبط بالسمنة.
بالنسبة للمراهقين، تعد المعايير أكثر صرامة:
- مؤشر كتلة الجسم 40 كجم/م² أو أكثر مع وجود مرض واحد على الأقل مرتبط بالسمنة.
- أو مؤشر كتلة الجسم 35 كجم/م² أو أكثر مع وجود مرض حاد وخطير مرتبط بالسمنة.
قد تكون هناك حاجة لإجراء اختبارات طبية إضافية لتأكيد تشخيص الأمراض المرتبطة بالسمنة.
شائعات مغلوطة عن جراحة السمنة
- الشائعة: الجراحة هي الطريق السهل
لقد بذل العديد من الأشخاص جهود كبيرة قبل الخضوع للجراحة، لكن أجسامهم كانت تقاوم التغيير. جراحة السمنة ليست طريقًا سهلاً ولا حلاً سريعًا، بل هي أداة تُسهم في تحقيق فقدان وزن مستدام جنبًا إلى جنب مع اتباع عادات غذائية ونمط حياة أكثر صحة. - الشائعة: الجراحة خيار أخير فقط
في الواقع، تُعد جراحة السمنة من أكثر العلاجات فاعلية على المدى البعيد للسمنة الشديدة. وغالبًا ما يفشل النظام الغذائي والرياضة والأدوية في الحفاظ على النتائج في بعض الحالات وقد يكون الأنسب هي جراحة السمنة.
التحضير للجراحة
قبل تحديد موعد الجراحة، يقوم طبيب الجراحة العامة بتقييم الحالة البدنية والنفسية. يتلقى المريض استشارات من الطبيب لتوضيح المخاطر والفوائد وتقييم الحالة الصحية العامة.
قد يُطلب اتباع نظام غذائي خاص قبل العملية لتقليل الدهون في البطن وجعل الجراحة أكثر أمانًا. سيتم توجيهك لتعليمات غذائية دقيقة.
كيفية إجراء جراحة السمنة؟
غالبية جراحات السمنة تُجرى باستخدام المنظار، عبر فتحات صغيرة تُقلّل الألم والندبات وتسهل الشفاء. في بعض الحالات، قد يفضل الأطباء الجراحة التقليدية حسب ظروف الحالة الصحية.
أنواع جراحة السمنة
- تكميم المعدة (Sleeve Gastrectomy)
حيث تُزال حوالي 80٪ من المعدة ويُترك جزء أنبوب صغير. يقل استهلاك الطعام ويقل إنتاج هرمونات الجوع، مما يساعد في تنظيم الشهية والتمثيل الغذائي.
- تحويل مسار المعدة (Gastric Bypass)
يُخلق كيس صغير في أعلى المعدة ثم يُحوّل جزء من الأمعاء الدقيقة ليُتصل بذلك الكيس. يحدّ ذلك من كمية الطعام وامتصاص العناصر الغذائية.
الرعاية بعد الجراحة
في السنة الأولى، ستكون هناك مواعيد متابعة منتظمة لمراقبة فقدان الوزن وفحص أي نقص غذائي بتحاليل الدم. بعد استقرار الوزن، يمكن مناقشة إمكانية إجراء عمليات إزالة الجلد الزائد أو تحسين مظهر الجسم.
توقعات فقدان الوزن
يفقد معظم المرضى أكثر من 50٪ من الوزن الزائد ويحتفظون بذلك. وتختلف النتائج حسب نوع الجراحة:
- تكميم المعدة: بين 30 و 80٪ من الوزن الزائد
- تحويل مسار المعدة: نحو 70٪ من الوزن الزائد
وتُقاس هذه النتائج عادة خلال 18 إلى 24 شهرًا بعد العملية.
المخاطر والفوائد
مخاطر جراحة السمنة
تمامًا مثل أي عملية جراحية، هناك احتمال مضاعفات، خاصة مع الإجراءات الأكثر تعقيدًا، وتشمل:
- نزيف
- عدوى
- جلطات دم
- فتوق
- انسداد الأمعاء
- تسريب موصلات الأعضاء (anastomotic leaks)
الآثار الجانبية المحتملة
قد تحدث مشاكل هضمية تشمل:
- متلازمة التفريغ السريع (dumping syndrome): تحرّك الطعام بسرعة من المعدة إلى الأمعاء يسبب غثيانًا وإسهالًا وتقلصات وانخفاض سكر الدم. تتحسن الأعراض مع التكيف الغذائي.
- سوء الامتصاص ونقص التغذية: نتيجة انخفاض كمية العناصر التي يمتصها الجسم، قد تحدث إسهالات أو نقص في الفيتامينات والمعادن. يُوصى بالفيتامينات والمكملات.
- الارتجاع الصفراوي: إذا لم يُغلق الصمام بين المعدة والأمعاء بشكل كامل، قد ترتد الصفراء إلى المعدة مسببة تهيجًا أو قرحات.
- حصوات المرارة: نتيجة فقدان الوزن السريع، يزداد الكوليسترول في الصفراء مما قد يؤدي إلى تكوّن الحصوات. يمكن وصف أدوية للوقاية منها.
فوائد جراحة السمنة
- فقدان وزن مستدام: العلاج الأكثر فعالية طويل الأمد للسمنة الشديدة.
- تحسين الميتابوليزم: تعيد ضبط الشهية ونظام الجسم الغذائي والهرموني، مما يقلل خطر استعادة الوزن.
- تحكم أفضل في سكر الدم والكوليسترول: كثير من المرضى يحصلون على تحسن أو حتى انقطاع للسكري من النوع الثاني وقد يقللون أو يوقفون الأدوية المرتبطة به.
- تحسين جودة الحياة وطول العمر: بالإضافة إلى الصحة الأفضل، تقل احتمالات الوفاة بسبب أمراض مرتبطة بالسمنة وترتفع مستويات الصحة والراحة عند المرضى الذين خضعوا للجراحة.
التعافي والتطلعات المستقبلية
مدة التعافي
يقيم معظم المرضى لعدة أيام في المستشفى، ثم يستكملون التعافي في المنزل خلال الأسابيع التالية. يُنصح بتجنب النشاط البدني القوي لمدة حوالى ستة أسابيع. ويُعاد إدخال النظام الغذائي العادي تدريجيًا خلال ثلاثة أشهر تقريبًا.
معدل النجاح
يُعتبر نجاح الجراحة عندما يُفقد 50٪ من الوزن الزائد أو أكثر وتحافظ عليه. معدل النجاح التقريبي بناءً على ما سبق هو نحو 90٪. يفقد معظم الأشخاص الوزن بثبات خلال أول عامين، وقد يعود القليل منهم بنسبة قدرها أقل من 25٪ من الوزن الذي تم خسارته.